36 - استكشاف المستشفى المهجور 5# - الوحش العظمي

الفصل 036 : استكشاف المستشفى المهجور 5# - الوحش العظمي.

-----------------------------------------------------------------

نهض (أورين) من مكان سقوطه وهو يشد رأسه من أثر السقطة القوية، حتى تبين بأن المسافة بين المصعد والأرض لا تتجاوز الـ5 أمتار تقريباً، لذا فهو (أورين) بخير. ظل يسمع صوت (جودي) وهي تبكي بشدة وتصرخ قائلة بأنه قد مات، حتى صاح هو الآخر عليها من الأسفل:

"أنا لست ميتاً!" وكان ينظر إلى الأعلى.

فطلّت عليه (جودي) ومشاعرها مختلطة بين الفرحة والحزن، ثم صاحت مجدداً بينما كانت تمسح دموعها وهي تبتسم ابتسامة لطيفة:

"إنه حيّ!" ثم استدارت نحو (لورين) وصاحت:

"إنه حيّ، يا (لورين)!"

وقالت (لورين) التي لم تطل لتطمئن عليه ساخرة بعد أن كانت للتو فقط على وشك إذراف الدموع: "أوه .. إنها معجزة!"

شعر (أورين) بنبرة (لورين) الساخرة، وقال لها:

"هيا بربك يا (لورين)، ما حدث لم يكن سيئاً لهذه الدرجة!"

فعندما قالت (جودي) بأن (أورين) لا يزال حياً اختفت مباشرة كل تلك المشاعر الجيّاشة الحزينة من وجه (لورين)، فشخصيتها يطغى عليها البرود لهذا أجابت بتلك الطريقة الساخرة، فهي تستمتع عندما تغيض أحداً.

فقال لهم (أورين): "ولكني لا أستطيع التسلق... هل يوجد أي حبل أو أي شيء يتواجد في الأرجاء هناك؟"

ردت عليه (لورين): "أجل، أعتقد بأني رأيت حبلاً في مكان ما."

انحنت (جودي) لتطل عليه حيث كانت قبل ذلك تنظر إلى (لورين) بعد أن أكملت كلامها، فصاحت إليه قائلة:

"حسنا! سوف نذهب لنبحث عن الحبل! لا تتحرك من مكانك!"

قال لهم: "حسنا."

حينها اختفj (جودي) عن نظره وذهبت هي و(لورين) للبحث عن الحبل. فأنزل حينها رأسه وبدأ ينظر أمامه، نحو الباب السفلي الخاص بالمصعد.

أخرج المصباح وهو يأمل بأنه لا يزال يعمل، قام بتشغيله فوجده بالفعل يعمل ثم وجهه نحو الباب السفلي الخاص بالمصعد، فصُدم عندما عرف ماهية تلك الغرفة، فقد كان قبل أن يدخل إليها علم بأنها غرفة الموتى بعد أن رآى خزانة ضحمة بها العديد من الأدراج الكبيرة بعضها مفتوح والبعض الآخر مغلق والتي كانت خاصة بوضع جثث الأموات فيها.

وبينما كان (أورين) شارد الذهن ويحدق بتلك الأدراج، سَمِع صوتاً أنثوياً يصدر من داخلها ويقول بطريقة متقطعة وغريبة:

"...4...7...1...6 ... Esse... Est... Deus..."

لم يستطع (أورين) التحدث، فتقدم ببطئ نحو الأمام ليرى من يتكلم وهو قد خمن بالفعل صاحب الصوت مسبقاً. فدخل ليجد فتاةً تجلس القرفصاء فوق منضضة حجرية رخامية، وكأنها شخص مصاب بالتوحد وتتمتم بكلام لاتيني مجهول:

"Et finivit regnum dei"

فتحدث (أورين) إليها بحذر بعد أن رآها كشخص مستسلم بعد أن قال لهم (93) بأنه قد حبسها لمدة طويلة جداً، فبقائها لتلك المدة الطويلة لوحدها سيجعلها بالتأكيد شخصاً مجنوناً يحدث نفسه. فقال لها:

"مرحباً... (ليليث) هل هذه أنتِ؟"

لكنها لم تستجب له واستمرت بالتمتمة: "Esse est deus..."

حتى خاطبها بلقبها: "آنسة (سوانغو)؟"

حينها استدارت نحوه ببطئ وهي مستغربة وعندما تلقت ضوء المصباح على عينيها انقبض وجهها، لأنها لم ترى النور منذ وقت طويل. وبعد أن نظرت إليه، قامت من مكانها بسرعة وتغير مزاجها وأظهرت ابتسامة جميلة رغم ظهور علامات التعب على وجهها، فكان شكلها يشبه الصورة التي آراها لهم (آشماداي) قبل أن يبدأوا المهمة، ما عدا نظاراتها الطبية التي لم تكن ترتديها.

وضعت يديها على صدرها وقالت بسعادة:

"(عشتروت)! هل هذا أنت، (عشتروت)؟ لقد علِمت بأنك سوف تأتي!"

ولقد كانت قريبا جدا من (أورين) بينما تتحدث معه معتقدة بأنه (عشتروت).

فاستغل (أورين) تلك الفرصة وقرر أن يجاريها في كلامها مدّعياً بأنه هو (عشتروت)، فهو يعلم بأن لا أحد من أعضاء أبناء (عشتروت) يعرف هوية وشكل (عشتروت) الحقيقي، لذا فيمكنه الإدعاء كما فعل مع (مولوخ) في يوم مراسم (عشتروت)، وقال لها: "نعم." بكل ثقة.

ثم أكملت بتلهف شديد: "أ-أنا أملكه! لدي المكون س.ت.م.ج. من أجلك!"

فأظهرت تعبيرا حزينا وأكملت: "ولكن حينها... لقد... تم حبسي."

فقال لها بنبرة قوية: "هل تحملينه معك هنا؟"

قامت بتغيير وضعيتها وبدأت تلعب بشعرها الفضي ثم أجابته:

"أجل! أنا دائما ما أحمله معي!"

قال لها: "أنا أحتاجه الآن."

فقفزت من مكانها وبدأت تبحث عن المكون في أحد جيبوها وهي تقول:

"بالطبع... إنه لك."

ثم أخرجته وقد كان عبارة عن قنينة دواء صغيرة جدا وقالت له بعد أن مدت الدواء الموجود على راحة يدها أمامه: "تفضل."

أخد (أورين) الدواء بشكل عادي جداً، ثم نظر مجدداً إليها حيث كانت تبدو وكأنها غارقة في السعادة وتنظر إليه بعيون مليئة بالطاعة والإعجاب، فقال لها:

"حسنا... شكرا لك (ليليث). الآن... تعالي معي. نحتاج إلى اخراجك من هنا."

فهزت برأسها رافضة ثم قالت وهي لا تزال سعيدة:

"لا... لا أستطيع. لقد تعرضت للعدوى لفترة طويلة من طرف المواد أصحاب الطفرات الجينية هنا. والتكوينات الجينية الخاصة بي غير متوافقة مع بعضها لذا فأنا ميتة بالفعل."

تفاجأ (أورين) فصاح بها متسائلاً: "مــاذا؟..."

اتسعت حدقتا عينيها من السعادة وأكملت:

"ولكني سعيدة لأن عملي قد اصبح مكتملاً. يجب عليك أن تغادر قبل أن أتحول بعد أن تتفاعل سلسلة من الأيض المفرط في جسدي."

بعد أن أكملت كلامها بدأت تسعل بشدة ووضعت يدها على فمها وظلت على ذلك الحال لعدة ثواني.

بعد أن توقفت عن السعال أزالت يدها وظهر دم يسيل من داخل فمها، ولكن السعادة لا تزال تغمرها وهي تنظر إلى (أورين)، فهي تبدو فخورة بنفسها بعد أن أكملت ما أراده (عشتروت) التي تحبه وتطيعه كثيراً. ثم قالت والسعادة ممزوجة بعلامات المرض على وجهها:

"لا أريدك أن تراني وأنا في ذلك الشكل البشع."

في تلك اللحظة تغيرت ملامح (أورين) وشعر بالشفقة عليها، فصاح عليها قائلاً بعد أن توقف عن الإدعاء:

"ما هذا بحق الجحيم... حسنا يا آنسة. من الواضح أنكِ مريضة، لذا فأنتِ تحتاجين إلى الخروج من هنا الآن. سوف آخدكِ إلى المستشفى."

استغربت (ليليث) من كلام (أورين) فهو ليس بكلام قد يقوله (عشتروت) الذي كانت تخدمه لسنوات والذي تعرفه جيداً، فقالت له بعد أن اختفت سعادتها وبدأ يظهر المرض على وجهها والذي أصبح شاحباً:

"ماذا؟..... ماذا تقول يا (عشتروت)؟ إن هذه مهمتي..."

كل ما كان يفكر به (أورين) حينها هو إنقاذها من ذلك المرض الذي كانت تتحدث عنه، فعلى الرغم من أنه سمع عنها أشياء فضيعة وبأنها شخص سيء جداً، إلا أنه نسى كل ذلك وقرر إنقاذها وإخراجها من هناك والذهاب بها إلى المستشفى، الذي وبصفة مؤكدة أنهم لن يعرفوا كيف يعالجون مرضها، غير أن كل ما يقومون به من تجارب فهي تبقى سرية ولا تخرج إلى العلن أبدا.

فمنطق (أورين) يكون غريباً بعض الأحيان، فقط لأن من أمامه فتاة جميلة جدا ويبدو عليها المرض فهو أراد مساعدتها، على الرغم من أنها تعتبر من بين أخطر الأعضاء في طائفة أبناء (عشتروت). فقال لها معترفا بهويته:

"أنظري، أنا لست (عشتورت)، وأنتِ ليس لديك أي مهمة لتكمليها! هيا لنخرج من هنا بسرعة!"

أصبح وجه (ليليث) بشعاً وشاحبا جداُ بعد أن سمعت كلام (أورين) بأنه ليس (عشتروت)، فأشارت إليه بيدها وصاحت بغضب والمرض يؤثر عليها شيئاً فشيئاً بعد أن علمت بأنها قد خُدِعت:

"أنت.... أنت لست (عشتروت)؟ من أنت؟ أعِد لي المكون، أرجعه لي..!."

لم تكمل كلامها حتى إنهارت على الأرض، لكنها كانت لا تزال تستطيع جلوس القرفصاء وهي تغطي فمها بذراعها واليد الأخرى تتشبث بالأرض حتى لا تسقط كلياً بينما تسعل بعنف. شعر (أورين) بالذعر قليلاً، فجلس كما تجلس (ليليث) وبدأ ينظر إليها ويقنعها بالخروج معه:

"آنسة (سوانغو)، إن (عشتروت) محتال وكاذب. ليس عليكِ الموت من أجله! هيا لنذهب! هل تريدين حقا أن تموتي هنا؟"

لم تستطع الإجابة بينما تسعل بقوة، حتى وقفت بصعوبة، وبدأت تلهث بشدة ودموع صغيرة خرجت من عينيها وهي تقول:

"أ-أنت ... أنت لا تفهم... إنه هو الحقيقة. أنت لا تعلم شيئاً..."

في تلك اللحظة بدأت تخرج هياكل عضمية مغطاة بالدم من بطنها، بينما كانت تحاول كبحهم، وتحول بؤبؤ عينيها إلى اللون الأبيض، فشعر حينها (أورين) بذعر شديد، وبدأ يتراجع ببطئ إلى الوراء وهو يقول:

"أوه يا إلاهي..... ح-حسنا... إن كنتِ لا تريدين الذهاب معي، فسوف أغادر بمفردي."

ثم ركض بقوة إلى مكان سقوطه عند تدمر أرضية المصعد، فرفع رأسه ثم بدأ يصرخ مناديا أختيه:

"(جــــودي)! (لــــورين)! أين هو الحبل اللعين؟!"

جاءه رد من (جودي) تقول له:

"هنا! نحن نحاول ربطه بأحد الأنابيب! تماسك!"

في تلك اللحظة، سمع (أورين) خلفه صوتاً غريباً جداً يشبه تهَشُّم العظام مع صوت غير بشري يطلق أصواتاً متوحشة، فاستدار بسرعة وقلبه يكاد ينفجر من الرعب. ووجد بأنه يوجد شيء قد نما على ظهر (ليليث) فقال مستغرباً:

"ما كان ذلك الصوت بحق الجحيم... وما ذلك الشيء على ظهرها بحق الخراء؟!"

كان قد نما على ظهرها شيء يشبه العمود الفقري به عظام كثيرة في الجوانب وعظام أخرى في خصرها وعظام كثيرة جدا وعشوائية في ذراعيها ورأسها.

اقترب منها (أورين)، فناداها بحذر: "...لـ-ليليث؟"

حين استدارت إليه، صدم بشدة من بشاعة شكلها، فقد خرجت العديد من العظام من وجهها لدرجة أن ملامحها لم تعد تظهر، كانت أيضاً بعض العضلات العارية قد خرجت بشكل عشوائي ومفرط ممزقة جلدها في ذراعيها. وكانت عندما تتحرك يصدر صوت يشبه تهشم العظام بشكل مقزز ويجلب للشخص الذي يسمع ذلك الصوت القشعريرة.

فصاح (أورين) خائفاً بينما ينظر إلى المخلوق الغريب الذي أمامه، لأن (ليليث) لم تعد بشرية بعد الآن، ولم يعد هناك شخص اسمه (ليليث) أصلاً بعد الآن، لأنها الآن ميتة والطفرات الجينية المتوحشة هي من تتحكم بها.

"مــا هــذا بحق الجحيم؟!؟!؟!؟!"

حين أراد الهروب، لم يستطع التحرك بعد أن خانته قدماه لوهلة قصيرة من الزمن، فسقط على الأرض بقوة وهو لا يزال يحدق في ذلك المخلوق البشع الذي اكتمل تحوله للتو:

"وااااه! ... ما هذا الشيء بحق الجحيم؟؟؟!!!!!"

وبسرعة إنقضّت (ليليث) المتحولة على (أورين) وكادت أن تغرس أظافرها القبيحة، الطويلة جدا والقاسية في جلده، فصرخ بقوة ونهض من مكانه وبدأ يصيح:

"آآآآآآآآآآآه!!! اللعنة على هذا الهُرَاء!!! الحـــــــــبل!!!!!"

في تلك اللحظة سمع صوت (لورين) تقول له:

"هاهو ذا!" ثم رمت حبلاً غليظاً وسميكاً.

فركض نحوه وهو يلهث بصعوبة شديدة، واستطاع تسلق الحبل بسرعة لم يسبق له أن قام بها من قبل، ورفعه بعد ذلك حتى لا تتسلقه (ليليث) خلفه.

يتبع..

2022/02/04 · 105 مشاهدة · 1509 كلمة
نادي الروايات - 2024